البحث عن الضال
د. كارل ستيفنس
ترجمة توفيق جبّور
” لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ.
(لوقا 19:10)
إن هذه الآية على وجه التحديد تظهر بوضوح الإرسالية الإلهية ليسوع المسيح. لم يأت لتكون له عائلة، ولو انه قد ولد بإحدى الأُسر. لم يأت لينضم لكنيسة الرخاء ولا ليكتب كتباً أو أغاني. لم يأت للسعي وراء قوته اليومي. ولم يأت ليكون عضواً بمؤسسة اجتماعية أو لتغيير الحكومة، ولا ليشيد بفلسفة بشرية. لم يأت الرب يسوع المسيح ليعيش كما يطيب له. كانت له عائلة واكيد علّم عن أهمية الزواج والجو الودي في البيت. ومع أن كل هذه الأمور مهمة الّا انها تعتبر ثانوية بالنسبة لربح النفوس. لقد كان نجّاراً ولكن عمله كان خاضعاً لربح النفوس.
لقد كان يتردد يسوع المسيح على مجامع اليهود المحلّية فقط لأجل أن يربح النفوس في تلك المجامع. وكان يعطي لقيصر ما لقيصر(متى22:21)، لكن ذلك كان كلا شيء مقابل ربح النفوس.
بكثير من الأحيان يضع المؤمنون المولدون الولادة الثانية تفاصيل معيشتهم، نجاحاتهم الشخصية وأعمالهم كأولوية لحياتهم الخاصة. ويجعلون من الأشياء التي منحت لهم لتكون سبب بركة لحياتهم اصناماً. ويذهبون من مكان لآخر دون أن يتأسسوا بخفقات قلب السيد الحساسة للآخرين. وغالباً ما يتخذون قرارات سريعة لأجل الرفاهية بدون أي اعتبار لمشيئة الله بحياتهم. وتفوت عن أذهانهم حقيقة أنّ يسوع أتى ليطلب ويخلص الهالك.
” لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ.”
(لوقا 19:10)
في يوحنا 1:43 ذهب يسوع الى فيليب وقال له “اتبعني”. في لوقا 5:27 ذهب يسوع الى متى الذي كان يجبي الضرائب من على قارب بكفر ناحوم وقال للاوي العشّار الخاطي: “اتبعني”. وهل من العجب أنه ذهب لبارتيميوس الاعمى، الذي قبله كمخلّصه ووهبه النظر. أن الزانية وجدته في بيت سمعان وغفر لها. والمرأة التي كانت تعاني من مرض نزف الدم وجدته وشفيت. لقد كان دائماً يبحث عن الضالين الهالكين ويخلّصهم.
لم يكن إحساس قلب يسوع ليجعل قضية كبيرة من الخطايا الشخصية للأفراد، ولم يحسب حجم خطية الشخص وكم من الوقت وما فعل. لا يوجد بالعهد الجديد ولا باي زمن تأكيداً على أي شيء من هذا القبيل كمبدأ. كلمة الله تقول أنّه كان يأكل مع العشّارين والخطاة (لوقا 15:2). الحقيقة الأخاذة هي بأن الله تجسد، بدون طبيعة الخطية، حافظ على هدف واحد بذهنه، فقط واحد. ولم يكن ذلك للحصول على بيت مريح – فلم يكن له أين يضع رأسه. ولم يكن هدفه إرضاء والدته الأرضية، بيوم من الأيام لم تشعر بالرضى عندما تغيب عنها (لوقا2:47). وبالحقيقة عندما أخبروه: “أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا، يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْكَ” عندها “أَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا».” كان ليسوع المسيح هدفاً واحداً ملحاًّ وهو أن يطلب ويخلص الهالك الضال.
إذا أراد رجل وامرأة ان يتزوجا وأن يتمتعا بهذه المؤسسة بخطة الله الكاملة، فدافعهما الكامن وراء الزواج هو أن يربحا نفوس أكثر مما كانا عليه قبل أن يتزوجا. وإذا أراد الزوجان ان يربيا بنين وبنات فعلى الأولاد أن يترعرعا لهدف واحد (الى جانب التمتع بحياة أسرية جميلة) وهو طلب الضالين وخلاصهم.
كل شيء نفعله علينا أن نعمله مع هدف في أذهاننا لربح النفوس. عندما نختار أن نكون بخدمة، علينا أن تفعل ذلك لأن تلك الخدمة تحب الضالين. الخدمة التي تحمل “صنارة الصيد” وتخدم بشكل وديع وبسيط منذ عدة سنوات حتى الآن لها هدف وهو ربح النفوس. نحن لا نحضر الكنيسة بهدف حصول العائلة على شيء ما. الله يهتم بالعائلة، ولا نذهب للكنيسة لأنها قريبة من بيتنا أو لأن أحد الأصدقاء قد تكلم عنها بالخير. بل نذهب لهناك لأن تلك هي إرادة الله للخدمة قضاء الوقت وتكرس حياتها لربح الضال.
مسيحية الحد الأدنى هي التي تتعذر باسم الراحة لتعطينا الرفاهية. ولسوف تصدم من حقيقة ما ستكلفك لترك مسحية الحد الأدنى لقد تكلم الله لكثيرين من المؤمنين لان يتخذوا قرارات جريئة، والعديد منهم لم يفعل ذلك لأنهم مسيحيي الحد الأدنى. لا يريدون لبنيتهم الثقافية-الاجتماعية أن تُكسر لان ذلك قد يسبب الاحراج بعد أن كانت تلازمهم لزمن طويل.
قيمة النفس الواحدة
في لوقا 15 يعلمنا يسوع المسيح مبدأً معيناً، إن كان لأحدهم مئة خروف وضل خروف منهم، الا يترك ذلك الراعي التسعة وتسعون خروفاً ويذهب ليبحث عن الواحد الذي ضل؟ عندما يكون التسعة وتسعون خروف بأمان وواحد ترك القطيع، يقول يسوع: “ستذهب للبحث عن الواحد الضال”. وهذا الامر لطالما سيء فهمه. العلاقة الاعتيادية للمسيحي إزاء ذلك هو البقاء مع التسعة وتسعون وليس الذهاب للبحث عن الضال. بأن نطلب الضالين ليس هذا يعني أن تكون علاقتنا بهم شعورية للمجاملة إذ اننا لا نريد المساومة ولا ان نخرق الكتاب المقدس. ولكن المحبة الغير مشروطة التي تمتد لتلتمس المذنب ليست هي مساومة إن لم تتشارك معهم بتلك الخطية.
قال احد القسوس لقسيس آخر كان قد سافر مئات الاميال ليأتي ويلتقي به في مكتبه. القسيس الضيف كان قد تورط بخطية لاأخلاقية، ترك زوجته وخدمته وكان يمضي وراء مغامرة جديدة. لقد نظر الى عينيه وميّز من خلال الروح القدس،” إنه خاطي مذنب. أتحبه؟ وهل ما زلت تكترث به؟ هل لك رأفة اتجاهه؟ وعملياً هو ضال – ضال لدعوته ولهدفه – ولكنه ها هو هنا”
تلك كانت قصته. اولاً قد خسر رسالته للوعظ. وبعدها بدأ يتعارك مع زوجته. وبعدها اقترف خطية خفية لم يقترفها من قبل. وهذا قاده لعمل لاأخلاقي وللاستقالة من الكنيسة. وقال ” انا لست هنا لطلب جميل، لأنني مذنب. كان عليّ أن اعلم أكثر. أنا أذكر الرسائل التي أنت قدمتها إذ كنت تقول ليس لنا ان ندخل بعلاقة خاصة مع امرأة أًخرى أبداً. كانت حياتي الزوجية تأخذ بالسوء وكان هذا حقاً الامر الخاطئ أن يفعل، إذ كان من الجدير بيّ أن أذهب للرب ولرجل الله لكي أُبنى وأتقوم”. واستمر بالكلام: “كانت تتردد على ذهني آيات كلمة فكلمة من عظات سمعتها من سنين وعليّ ان أبجل للروح القدس على أمانته الذي وبخني عن شرور طرقي الخاطية.” وقال “لم أتمكن من تناول الطعام وفارقني النوم، لا أدري لماذا أنا هنا. ومن بين كل ’الأصدقاء‘ الذين كما يبدو أحبوني عندما كنت أسير باستقامة مع الله، لم يأتني أحداً ليمسك بيدي وان يبكي معي وان يتضرع معي لأتقوّم”
ركع القسيسان معاً بانكسار وقال أحدهما: ” لقد حاولت أن أحفظ سمعتي، وقد خسرت كل شيء. حاولت ان أحفظ خدمتي ولكن فقدتها. حاولت أن أحفظ زواجي وقد فشلت الكل راح.
لقد عهدت الحفاظ على مشاعري وقاومت كل من أراد إحباطها، ولكنها حتى هي راحت. لا أستطيع النوم بسلام وليس من فرح بي” بكيا القسيسان أثناء صلاتهما. لقد كان ضالاً – وذلك لما يتعلق بهدفه ومعنى الحياة له، لقد كان ضالاً باختباراته. يا له من ثمن يدفعه الناس مقابل تخليهم عن الطريق الصحيح للخدمة المثمرة التي دعوا اليها.
وبينما تقرأ هذه القصة فكّر بالأمور المفقودة في لوقا 15:8 الدرهم المفقود في بيت امرأة غير مبالية، ولكنها أخذت قنديل وقامت بالبحث عنه في كل البيت الى أن وجدته. فُقد الدرهم لعدم المبالاة وضاع الخروف بسبب الجهل. ولكن ترك الراعي التسعة وتسعون وذهب للبحث عن الواحد المفقود، وارجعه لمكانه وسط القطيع، وقد ضاع الأبن الضال بسبب التمرد، ولم يذهب الأب ورائه. لكنه انتظر عودته ليحبه عندما يعود. لم يحاسبه أبداً على خطية. ولم يسأله أي سؤال. لقد أعطاه الخاتم، العباءة، الحذاء والعجب المسمن، وقد قبله بكامل البنوة وبتقبيله رقبته قال: “لأَنَّ ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ.” ( لوقا 15:24).
عندما وُجد الدرهم المفقود استدعت المرأة جاراتها وفرحن معاً. وعندما رجع الابن الضال ناد الاب على اهل البيت وقد احتفلوا معاً بسبب عودته. وقال يسوع: “هكَذَا، أَقُولُ لَكُمْ: يَكُونُ فَرَحٌ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ.” ( لوقا 15:10). المبدأ هو قيمة النفس الضالة.
الحفاظ على الرؤية
عادة ما ينغمس المسيحيون بطرق مريحة للمعيشة وهذا النمط من الحياة ليس له أي رؤية عالمية لكرازة الانجيل بل القليل من اتخاد خطى بالإيمان. انهم ينشغلون بحياتهم الخاصة مع يسوع، دون أن يطلبوا ويخلّصوا ما قد فُقد. على قياديي الخدمات أن يركعوا ويصلوا ويبكوا أمام الله بينما يقولون ” يا رب خدمة الشبيبة، طبع المواد، خدمة التلفاز سوف تبحث عن الضال وتخلصه، التبشير سوف يطلب الضال ويخلّصه، المدرسة المسيحية الابتدائية والثانوية سوف تطلب الضال وتخلصه، دروس الكتاب سوف تطلب وتخلص ما قد فقد” عليهم أن يصلوا “يا رب لا تسمح لنا بأن نصير معقدين، اجعنا فقط نكون في مشيئة الآب. لا تسمح بأن نستهدف ما قد يأخذنا عن بساطة رؤيتنا من الهدف الابدي، الفرص التي نتمتع بها الآن الإمكانيات التي لنا، قوة إرشاد الروح القدس، لا تدعنا نبتعد عن الهدف الذي أنت قد اتيت لأجله وذلك طلب وخلاص كل ما قد هلك.
ما هي قيمة النفس الضالة الهالكة؟ سفينتنا الارسالية لا غراتسيا، التي تحمل الغذاء المزودات والمرسلين. عشارات الأخوة والاخوات في خدمتنا يذهبون في الصيف برحلات تبشيرية كرازيه تدعى ” الحصاد الصيفي”. كانت هذه الخدمة مدعمة بسلسة من الصلوات 24ساعة باليوم 7أيام و7ليالي بالأسبوع. ومطبعتنا تعمل بدوريات نهارية وليلية. في أيام السبت يذهب العشرات الى خدمة الباصات مع الأولاد. وبهذا كله نسأل السؤال التالي فقط، هل يمكننا لمس النفوس الضالة؟ هل يمكننا ان نوصّل الرسالة بالروح القدس أنّ يسوع المسيح مات، سكب دمه ودفن وأنه قام ثانية، وذهب الى السماء وان الخلاص هو بالنعمة فقط عن طريق الايمان، وليست منّا انها عطية الله؟ هل يمكننا أن نلتقي بالرجل الأعمى، أن نذهب ونجد زكّا، ان نذهب ونلتقي مع الامرأة عند البئر؟
دعوتنا
لقد خلق يسوع الوجود ومع ذلك كان دائماً شخصياً. هو الذي خلق العباقرة ومع ذلك كان محباً ولطيفاً للبسطاء، كان للمسيح هدف واحداً ” لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ.” الكتاب المقدس يدعوه المخلّص الباحث. هو لم يمكث فقط بأورشليم ولم يكن ليعاني من مشاكل شعورية، ولم يبتلي بالإحباط المتسبب جراء شفقته على ذاته. لا بل كان منشغلاً بالآخرين بأن يحبهم، بان يجدهم وللوصول اليهم.
رغبة يسوع المسيح للمسيحيين أن يذهبوا الى معاهد الكتاب المقدس وأن يدفعوا ثمن التشبه به، ثمن الانضباط، وفقدان سمعتهم، وليس ليؤمنوا مستقبلهم. يريدهم الله، يريدهم الله أن يتخذوا قرارا؟ أين يمكنهم أن يتكلوا على أكثر؟ إنها بأن يتعهدوا بحياتهم عند صليب الجلجثة ومباشرة السير بإيمان المغامرة للبحث عن الضالين بالطرق أينما كانت لأجل خلاصهم والصلاة معهم. إنها بضعت سنين وسوف تمضي وفقط ما عُمل مع يسوع سيبقى.
كمؤمنين يسيرون ويسافر ليطلبوا وليخلصوا ما قد هلك. وتذكر انه كل ما يفعله المسيحي عليه ان يخضع لقيادة يسوع المسيح، للتعاليم، للصليب القديم القاسي يومياً، لقسيس-معلم الذي دُعي اليه، لجماعة محلية تتحرك لربح النفوس في أورشليم (أي مكان الإقامة) وفي اليهودية (المنطقة المحلية) والى السامرة (المنطقة المجاورة) والى كل أرجاء المسكونة. كلمة الله تبيينها بوضوح أن كل شيء يتعلق بحياة المؤمن، ومهما كان، عليه أن يخضع لربح الهالكين. إن كان رجل أعمال فإنه الى جانب ربحه للمال بعمله فعليه أن يجد الطريق لتتميم عُهدته، وعهدته بأن يتحول يوم بعد يوم على شاكلة المسيح. عهدته أن يصير مثل المسيح من خلال الكلمة والروح ولربح الهالكين.
ليست القضية بالحجم الكبيرة للكنيسة بل كم من النفوس الهالكة تُربح الكنيسة للمسيح. وليس الامر كم حسن القسيس، ولكن ما له والرؤية السماوية وليس الامر بكم من المثقفون والاناس أخلاقيين بالكنيسة وانما كم من الرؤية لهم لربح الضال. أيوجد بحوزتهم صنارة صيد؟ هل يلتقوا مع الناس بالأماكن العامة، خدمات عالمية، مذياع وتلفاز، مواد مطبوعة، مدارس مسيحية؟ هل يدربون الناس على التلمذة كما أوصى الرب في متى 28:20 وأيضاً في يوحنا 8:31،32؟ هل يعطون طعاماً للفقراء؟ ام لعلهم منشغلون بثقافة متطورة، تهذيب، وقدر من الانانية، كبرياء، انتقادات وعقلانية، وكل ذلك باسم يسوع؟ لقد فقد الرسول بطرس رؤيته وجاءه يسوع بزيارة في وضعه المتمرد المعاند. وقال يسوع لبطرس «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هؤُلاَءِ؟» (يو21:15). ورد بطرس، «نَعَمْ يَارَبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ». استخدم يسوع كلمة “أغاباو” المحبة الالهية باليونانية ولكن أجاب بطرس “فيليو”، والذي يمكن أن يكون نوع سليم للمحبة ولكن ليس لبطرس. لقد كانت عاطفة الصداقة بدافع الاحترام المتبادل. قال: «أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ». وأعاد يسوع السؤال: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟» ولم يذكر “أكثر من هؤلاء” هذه المرة، وأجاب بطرس: “أنت تعلم كل شيء، وأنت تعلم أنني أحبك بسعتي لأن أصير صديقك” وعندها سلّط يسوع عيناه نحوه وقال” أتحبني يا بطرس كصديق؟” وغضب قلب بطرس. وقال ” نعم أنت تعلم أنني أحبك محبة صديق”.
قال يسوع اغاباو مرتين وعندها نزل الى مستوى ما كلام بطرس برده عليه. ” عندها أنت لا تحبني بمحبتي، أنت لا تحبني بهذا المستوى العالي من نوع المحبة المكرّسة، أنت لا تحبني بالمحبة الغير مشروطة، انت فقط تحبني بمحبة مشروطة على نحو الصداقة. وقال بطرس بغضبه ” انت تعلم ذلك، تلك هي السعة الوحيدة التي أقدر أن أحبك بها” لقد غضب لأنه كان يعمل على فحص قلبه بعلاقة هدفه والمسيح. وكل ما قاله الرب فقط، “أطعم خرافي يا بطرس ارع، خذ كل ما بحوزتك يا بطرس واستخدمه لترعى خرافي”. في يوحنا الأولى 2:12،13 يقول الرسول يوحنا:
أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لأَنَّهُ قَدْ غُفِرَتْ لَكُمُ الْخَطَايَا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ، لأَنَّكُمْ قَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الآبَ.
هناك حاجة لتغذية الصغار، الأحداث قد تعلموا كيف يغدون أنفسهم، والآباء هم من يهتمون بتغذية الآخرين. هذه الفئات الثلاثة من المسيحيين. وكأن يسوع يقول لبطرس: كل ما يمكنك فعله هو أن تغذي نفسك قليلاً، ولكن ابدأ الاستثمار بالآخرين.
أن تدع المسيح يقود
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَمَّا كُنْتَ أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ وَتَمْشِي حَيْثُ تَشَاءُ. وَلكِنْ مَتَى شِخْتَ فَإِنَّكَ تَمُدُّ يَدَيْكَ وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ، وَيَحْمِلُكَ حَيْثُ لاَ تَشَاءُ». قَالَ هذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُمَجِّدَ اللهَ بِهَا. وَلَمَّا قَالَ هذَا قَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». (يوحنا 21:18،19)
عندما قال المسيح لَمَّا كُنْتَ أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ، كانت استخدام الكلمة اليونانية كانت من الفعل زوننومي بصيغة غير كاملة فعّالة بوقع معتاد. صيغة الفعل بزمن غير كامل يعطي القصة بشكل مستمر الحدث في الماضي ويحدث القصة بكاملها. الوقع المعتاد ليعني ان هذه كانت عادته عمل ذلك. قال: ” يا بطرس، أنت أنكرتني ثلاث مرات لذلك أنا أسألك ان كنت تحبني ثلاث مرات، وهذا ما قد تسبب بأقناعك، سيرة حياتك يا بطرس تقول أنّك كنت تسعى للحفاظ على حياتك وتمنطق ذاتك بكل مرة اقتربت بها لأغير قلبك” وهذا هو الحال مع الكثير من المسيحيين.
القسيس في قصتنا قال باكياً: “كقسيس ناجح اعتدت على الحفاظ على أشياء في حياتي، وشجعتني زوجتي أن أسير بنقيض لدعوتي، شجعتني ان أرفض المساعدة. وما لم تعلمه أن الامر الذي كانت تشجعني عليه بعينه قد كلفنا زواجنا، لأنني كنت بحاجة لخدمة من حاولوا مساعدتي”.
واستمر بطرس على عادته يتدبر أمور حياته، ولم يتوقف عن عادته بعيشه كما يطيب له. لذلك قال يسوع:” قد سرت أينما شئت” بطرس كان دائماً يجد السبب لعمل ما يريحه. لقد تبع يسوع ولكن فقط على النحو المريح له لاتباعه. ولكن يسوع ولد في بيت لحم، ولد في بيت فقير، ليس لأهل ذوي ثقافة عالية وغنى. يسوع المسيح تربى بأحياء الفقر. يسوع المسيح ترعرع على الرفض وليس على القبول. وكان الله المتجسد.
وكأن يسوع يقول له: ” يا بطرس اريد أن أقول لك شيئاً، كل معرفتك عن المحبة هي مشروطة، مؤسسة على ردود فعل الآخرين. عندما كنت أشفي المرضى واتمتع بالشعبية، عندها تبعتني، ولكن عندما قدّموني للحكم وجعلتني الجموع مذنباً-الحاكم الروماني، الفرسيين، الكتبة، السنهدرين (المجلس اليهودي الأعلى)، الناس الفقراء وكل الحضور صرخوا ” إنه مذنب وعقابه الموت” (لوقا 22:66). وقد أنكرتني يا بطرس بتلك اللحظة لأنها لم تكن ملائمة مقبولة (متى 26:56). ولم تكن مريحة. يا بطرس لقد حاولت أن تحافظ على نفسك ولم ترد أن تدفع ثمن اتباعي.”
أنّ هدف وجودنا على هذه الأرض هو أن نتبع يسوع بخالصه وليس يسوع رمادياً، ليس يسوع مشوشاً بالمادية وبعض أشكال الفنون، ليس يسوع مشوشاً بمكانة اجتماعية ورموز معقدة. وكأن يسوع يقول : “لقد حددت خدمتك لله وجعلت قرارتك لترشدك وتقود خطواك. اريد أن أقول لك شيئاً يا بطرس، سيأتي اليوم أنا سأكون قائدك وارشدك الطريق، وسوف تموت لأجلي شهيداً موت جسدياً. وسيكون ذلك عندما تكبر عمراً”
“اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَمَّا كُنْتَ أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ وَتَمْشِي حَيْثُ تَشَاءُ. وَلكِنْ مَتَى شِخْتَ فَإِنَّكَ تَمُدُّ يَدَيْكَ وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ، وَيَحْمِلُكَ حَيْثُ لاَ تَشَاءُ».” (يوحنا 21:18)
وهذا هو المبدأ الجميل هنا، إذ كان يسوع يقول:” بإحدى الأيام سوف تضع يدل يا بطرس على يدي وستقول ’ قدني يا يسوع، هل لي ان أرجع؟ لقد سقطت ولم أكن واقعياً ولكن قدني اليوم، كنت أعتقد انني سأربح العالم بأسره لك ولكن قدني الى مشيئتك اليوم، كنت أعتقد أنني لن أفشل أبداً ولكن قدني اليوم لئلا اتعثر‘” لقد سمح بطرس ليسوع ان يقوده الى مكان لم يشأ بطرس اختيار الذهاب اليه، يسوع يقود وبطرس يتبع. ” القرارات التي اعتدت أن تتخذها لتحفظ نفسك وعائلتك ليست بعد موجودة، بطرس: سوف تتمسك بيدي وسأقودك، وبالنهاية بيوم من الأيام سيأخذك لتكون شهيداً وسيقولون ’ سوف نقتلك يا بطرس‘ لكن سأمسك يدك بيدي روحانياً وستحبني بكل المحبة التي لك ان تحبني تلك هي المحبة الإلهية، ان تحب من لا تراه (بطرس الأولى 1:8)، ستفهم محبتي وسوف تلتصق بيّ بربط قلبك بقلبي من خلال كلمتي والامتلاء من روحي، وسوف تقول لأولئك الذين يقدموك للإعدام ’ رجاءً ضعوا رأسي الى الأسفل وقدماي الى الأعلى، لأنني لست مستحقاً أن أصلب كما صلب سيدي، هل من الممكن أن تفعلوا ذلك بي؟ اريد او اصلب وراسي الى الأسفل ورجاليا الى الأعلى لأن سيدي مات بشكل آخر، وانا لست مستحقاً ان أموت بالوضعية التي هو مات عليها‘. وسيمنطقك شخص آخرعندما تشيخ، وستذهب الى أماكن تأبى الذهاب اليها”
هل نطلب الضالين في صلواتنا؟ كم من تفكيرنا يشتمل على خطط لربح النفوس الهالكة؟ كم من فعالياتنا وجدولنا اليومي مركزاً على ربح النفوس؟ هل انشغالاتك هي دعوتك، ام لعلك تريد لدعوتك ان تكون مثل يسوع لربح النفوس الهالكة؟